ياسر محمد/ يكتب
شنّت أجهزة مباحث القاهرة حملة أمنية نوعية داخل نطاق المطرية، خرجت في توقيت مباغت لإسقاط البؤر الإجرامية التي تتخذ من تجارة وتعاطي المخدرات نشاطًا يوميًا يهدد أمن المجتمع. الحملة لم تكن تحركًا عشوائيًا، بل خريطة ميدانية مدروسة شارك في رسمها قيادات أمنية تثق أن الشارع لا يستقر إلا حين يشعر الخارج عن القانون أنه مُراقب، ومطارد، ولا ملاذ له.
قاد التحرك الميداني المقدم أحمد جمعة رئيس مباحث المطرية، رجل لا يعترف بنظرية “المعلومة على الورق”، بل يفضّل أن يذهب هو بنفسه إلى مصدر الخطر. تحرّك بين الأزقة والأماكن التي يتهيب كثيرون دخولها، يقود رجاله بنفسه ويطرق أبواب البؤر قبل أن يطرق قلم المحاضر. خلال الشهور الماضية قاد سلسلة ضربات أعادت رسم خريطة الأمن داخل المطرية، فاختفت بؤر كاملة كانت تُعتبر عصيّة، وسقط تجار ظنّوا أن الحماية الشعبية تكفيهم عن القانون.
أحمد جمعة في هذه الحملة لم يكن يضبط فقط، بل كان يقطع شريان الخطر من منبعه؛ يوجّه رجاله للضرب في توقيت واحد، في أماكن متباعدة، حتى لا يجد المجرمون دقيقة للهروب أو إرسال تحذير. دخل المداهمات الأولى بنفس الوتيرة التي دخل بها آخر نقطة، بلا خوف ولا انتظار، ليتم ضبط عدد كبير من المتعاطين والتجار في ضربة واحدة أربكت سوق السموم وأغلقت مصادر رزق غير شرعية دامت لسنوات.
اللواء سمير مجدي مدير مباحث قطاع الشرق كان العقل الذي سبق الحركة بخطوة، يراقب المشهد الأكبر ويوجه قبل الاشتباك، بينما تولّى العميد أحمد يحيى مفتش المباحث الإشراف الميداني الدقيق لتفاصيل التنفيذ، ليخرج الانتشار الأمني بلا ثغرة واحدة ولا خطأ يمكن أن ينقذ مجرماً من السقوط. وجرت الحملة تحت الإشراف العام للواء علي نور الدين نائب مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، وبرؤية عليا للواء علاء بشندي مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، الذي يدير ملف المخدرات باعتباره معركة طويلة النفس تُكسر فيها البيئة المنتجة للجريمة قبل القبض على مرتكبيها.
النتيجة لم تكن أرقاماً تُدوَّن في دفاتر، بل أثرًا محسوسًا في الشارع؛ خوفٌ تبدّل إلى اطمئنان، وأبواب بؤر أُغلقت، ومساحات حياة أُعيدت لأصحابها. الحملة حملت رسالة صريحة لدوائر الخراب: القاهرة تُدار برجال يرون أن القانون لا يُطبَّق من بعيد، بل يُفرض من أقرب نقطة إلى الجريمة نفسها، وأن الزمن الذي تُترك فيه شوارع كاملة رهينة للمخدرات لم يعد موجودًا.
وتواصل مباحث القاهرة تحركاتها النوعية بذات الروح، ليس كواجب وظيفي روتيني، بل كدين مستحق لمجتمع ينتظر من الدولة أن تحميه قبل أن يطلب المساعدة، وأن تذهب للجريمة قبل أن تأتي هي إليه.