“ما كنتش متوقع كل ده… بس لقيت نفسي باكل الحكاية مش السمك!”

“ما كنتش متوقع كل ده… بس لقيت نفسي باكل الحكاية مش السمك!




بقلم: ياسر محمد – نائب رئيس تحرير أخبار اليوم
لم أكن أنوي أكثر من وجبة غداء سريعة… دخلت شارعًا مزدحمًا في بولاق أبو العلا، وتحديدًا أمام وكالة البلح، فإذا بي أمام مطعم يحمل لافتة بسيطة مكتوب عليها: “زكي السماك”.
كان الشكل من الخارج لا يوحي بالكثير… لكن ما إن تخطيت عتبة المكان، حتى شعرت أنني دخلت إلى مشهد سينمائي، حيث كل تفصيلة داخله ديكور مدروس بالمذاق:
العمال يتحركون كأنهم فرقة موسيقية، صوت الشوايات في الخلف يعزف نغمة الجوع، والروائح التي تملأ المكان ليست عادية… بل روائح تُحرك الذاكرة.. زحام شديد داخل المطعم ..ولكن فريق العمل يتعامل مع هذا الزحام بحرفية شديدة ..وسرعة العاملين بالمطعم في تسليم الطلبات يقضي علي تكدس الزبائن
جلستُ على طاولة خشبية، فوجدتُ نفسي أراقب المشهد بدهشة… كأنني داخل عرض مباشر للطهي الحي، لكن الفرق هنا أن المخرج واقف وسط المشهد، يتابع كل شيء بنفسه… محمد السماك – صاحب المطعم والمدير العام
طلبتُ طبق بلطي مشوي، وقطعة من الفيليه، وقررت أختبر الجمبري كنوع من الفضول…
لكن ما حدث بعدها لم يكن “أكلًا”، بل كان انقلابًا في مفهومي عن طعم السمك.
المذاق الذي لم أنساه…
البلطي المشوي: نضجٌ مدهش، تدبيلة فيها حكمة، وقشرة كأنها محروسة بدعاء الطهاة… كل لقمة كانت تقول لي: “أنت متأخرتش، المكان كان مستنيك”.
الفيليه: طري كأن البحر خرج لتوه من الطبق، نكهة متزنة، ولا قطرة زيت زائدة… قطعة سمك تُحترم.
الجمبري: هو مفاجأة الزيارة… مقرمش، عصيري، متبل كأن وراءه سر لا يعرفه إلا أهل البحر. من أول قضمة، قررت أنني سأعود من أجله.
البوري والمكرونة والبربوني: رأيتهم يُقدمون للزبائن حولي، وأقسم أن وجوههم قالت كل شيء. الطعم بيتكلم من غير ما حد يشرح.
كل شيء هنا متقن… نظيف… مدروس… لكن بدون تكلف. حتى طبق السلطة والرز، مصنوع بإحساس وكأن الطاهي يطهو لبيته.
محمد السماك… مايسترو النار والمذاق
وسط الدخان والحرارة، رأيت رجلاً لا يغيب عن التفاصيل… الحاج محمد السماك، صاحب المطعم، لا يترك شواية دون أن يراجعها، ولا طبق يخرج دون أن يُشرف عليه.
مُتابعته مستمرة، يراقب العاملين بحزم أب، ويُوجّه بابتسامة خفيفة… وجهه بشوش، وكلماته للزبائن دافئة، وتفانيه في مهنته ينعكس في كل طبق.
هو من طراز نادر من الناس… من الذين يؤمنون أن “البركة في الإيد اللي بتطبخ بحب”، وهذا الحب حاضر في كل لقمة.
عاطف عبد الحميد… مهندس التفاصيل
إلى جانبه يقف عاطف عبد الحميد – مدير المطعم، رجل منظم لأبعد مدى… يتحرك بين الزبائن بسرعة الضوء، يتفقد النظافة، يسأل كل طاولة عن رأيها، ويتعامل كأن المكان بيته والزبون ضيف عزيز عليه.
هو القوة الخفية التي تحوّل الزحام إلى نظام، وتحول الطابور إلى حفاوة.
أحمد جمال… قائد الصباح وصاحب اللمسة الهادئة
وفي الفترة الصباحية، يظهر نجم آخر لا يقل كفاءة واحترافًا… أحمد جمال – مدير المطعم في الفترة الصباحية.
وجهه يحمل هدوءًا يمنح المكان سكينة جميلة رغم الزحام، يتابع كل شيء بحزم وهدوء، وكأن عينه على كل طبق وعلى كل زبون في نفس الوقت.
أحمد جمال لا يرفع صوته، لكنه يحرك المكان كله بإشارة عين أو ابتسامة رضا.
ينسق بين الطهاة والعمال، ويبدأ اليوم مبكرًا كأنما يُرتب يومه على إيقاع الانضباط.
يحرص على أن تبدأ كل صباحات “زكي السماك” بجودة لا تقل عن المساء… لا يرضى بأنصاف الحلول، ولا يقبل بأي مستوى أقل من الممتاز.
هو ركيزة أساسية في نجاح المطعم، ووجوده يمنح الزبائن ثقة أن المكان يعمل على مدار اليوم بنفس الطاقة والاحترام.
خرجت من المطع


م بعد وجبتي، وأنا لا أفكر في وجبة تالية فقط… بل شعرت أنني كنت في زيارة لمكان يعرف كيف يحترم أكل البحر، ويكرم زبائنه بالذوق قبل الطبق.
وهنا أكتب، لا بصفتي صحفيًا، بل بصفتي زبونًا وقع في غرام الطعم، والمكان، والناس.
وأعدكم… أنني لست فقط سأعود، بل سأدعو كل من أعرف أن يذهب لتجربة لن تُنسى.
العنوان: زكي السماك – بولاق أبو العلا – أمام وكالة البلح
للحجز أو الاستفسار: [ضع الرقم هنا]
“الطعم مش بس أكل… ده ذاكرة جديدة بتتكتب ببهارات الشرف والاحتراف”