سانتي بنت البطل”.. الأولى على الشهادة الإعدادية تفتح قلبها: “بابا علّمني أبقى قوية.. وماما حضنت حلمي”

”
في بيوت كثيرة، يولد الحلم خجولًا، يختبئ بين زوايا الخوف، ويكبر بصمت وسط ضجيج الحياة… لكن في بيت واحد، كانت هناك فتاة صغيرة تُدعى سانتي، تنظر إلى والدها الضابط وهو يرتدي بدلته العسكرية كل صباح، وتسمع وقع خطواته الصارمة على الأرض، فتتعلم أن الانضباط ليس مجرد كلمة… بل أسلوب حياة.
سانتي أحمد محمد عبد الحميد… زهرة نبتت في تربة الطموح، وسُقيت بعرق الأب الذي يقف كل يوم في وجه الخطر ليحمي وطنًا، ويعود كل مساء ليمنح ابنته الأمان، والحب، والدعم… ضابط شرطة، لكنه في عينيها “ضابط أحلامها”.
كبرت سانتي، وورثت من والدها صلابته، ومن والدتها حنانها، وبينهما كانت تصنع طريقها الخاص… لم تنتظر مصادفة، ولم تعتمد على الحظ. كانت تقاتل كل يوم مع الكتب، وتحارب الخوف بالاجتهاد، وتغلب اليأس بابتسامة الأمل.
وفي لحظة طال انتظارها، كُتب اسمها من نور على قوائم الشرف… الأولى مكرر على الشهادة الإعدادية بإدارة النزهة التعليمية، بمجموع 280 من 280، من مدرسة راهبات سيدة المعونة للغات.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون… أن سانتي لم تتفوق فقط في القاعات الدراسية، بل سطعت أيضًا في ملاعب الرياضة، وتألقت في لعبة الهندبول، لتحصل على 5 درجات تفوق رياضي، وتثبت أن الفتاة يمكن أن تكون عقلًا متفوقًا، وروحًا مقاتلة.
في هذا الحوار الإنساني الخاص، نرصد تفاصيل رحلة التفوق… كما عاشتها “بنت البطل”.
—
الحوار:
■ كيف بدأ حلمك يا سانتي؟ ومتى قررتِ أن تكوني من الأوائل؟
“أنا كنت بشوف بابا وهو راجع من الشغل متعب جدًا، وكنت دايمًا أسأل نفسي: أنا ممكن أفرّحه إزاي؟
قررت من بدري جدًا إني مش عايزة أكون مجرد طالبة، أنا عايزة أكون فخره، عايزة يوم النتيجة يقول للناس كلها: دي بنتي.
المذاكرة كانت صعبة، بس وجود بابا وماما جنبي خلاني أحس إن كل التعب هيعدي.”
—
■ حدثينا عن دور والدك العميد أحمد حسن عبد الحميد في نجاحك.
“بابا هو السبب في كل ده.
كان ممكن بعد شغله الصعب يروح ينام، لكنه كان بييجي يسألني: ذاكرتي النهاردة؟ فهمتي إيه؟
كان بيحسسني إن كل لحظة تعب هتفرق.
هو اللي علّمني يعني إيه تنظيم، وإن اليوم فيه 24 ساعة لازم أستغلهم.
كان دايمًا يقوللي: خليكي أقوى من ظروفك.
ولما تعبت كنت بلاقيه جنبي، حتى بصمته كان بيطمني.”
—
■ وماذا عن والدتك؟
“ماما كانت ملاكي، كانت دايمًا جنبي، تسهر معايا، وتذاكرلي، وتربّت على ضهري لما أعيط من الضغط.
كانت تقوللي: أنا شايفة فيكي حاجة كبيرة، متخليش التعب يكسرك.
ماما حنونة جدًا، لكن كانت حازمة لما لازم أركز.
هي الحضن اللي رجعتله لما خوفت، والصوت اللي طمّني لما شكّيت في نفسي.”
—
■ هل واجهتِ لحظات انهيار؟ وكيف تغلبتِ عليها؟
“كتير جدًا، أيام كنت بحس إني مش قادرة أكمل، كنت أعيط في نص الليل، لكن كنت أفتكر كلمة بابا: اللي بيقع وبيقوم تاني هو اللي بيكسب.
كنت أفتكر نظرة ماما وقت ما تقوللي: أنا مصدقة فيكي.
وكنت أقف تاني وأكمّل، وكل مرة كنت بقوم كنت أقوى من اللي قبلها.”
—
■ كيف كنتِ توازنين بين دراستك وتفوقك الرياضي في لعبة الهندبول؟
“الهندبول كانت المتنفس بتاعي، كنت بحب اللعب جدًا، وكنت بتمرن باستمرار.
الرياضة علمتني التعاون والانضباط، وكانت سبب كبير في إن حالتي النفسية تبقى قوية.
خدت 5 درجات تفوق رياضي، بس الأهم من الدرجات هو إن الرياضة خلتني إنسانة أقوى.”
—
■ ما هو حلم سانتي في المستقبل؟
“نفسي أدخل كلية الطب، وأبقى دكتورة قلب…
مش بس علشان أعالج الناس، لكن كمان علشان أكون سبب في فرحة أهل حد، زي ما أنا فرّحت بابا وماما.”
—
■ لو في رسالة عايزة توجهيها لأبوك دلوقتي.. هتقولي له إيه؟
“هقول له:
بابا، كل مرة كنت ترجع تعبان، كنت أنا بحلم أني أرجعلك فرحان.
كل مرة كنت تسألني عن دروسي، كنت بحس إنك شايفني، مؤمن بيا…
أنا دلوقتي الأولى، وأكتر حاجة فرحاني بيها… إني حققتلك حلمك زي ما حققت حلمي.”
—
■ وكلمة أخيرة لزمايلك من الطلاب؟
“أقول لكل واحد بيحاول: التعب مش بيضيع…
ممكن تتأخر، ممكن تقع، بس لو صدّقت في نفسك، وهتلاقي اللي حواليك بيصدقوا فيك.
متستسلمش… يمكن اللحظة اللي جايه هي لحظة نجاحك.”
—
خاتمة:
في عالم يميل كثيرًا إلى الضوضاء، تتحدث سانتي بهدوء… لكنها تُحدث ضجيجًا في قلوبنا. ضجيجًا من الفخر، من الإعجاب، ومن الأمل.
لأنها أثبتت أن التفوق ليس حكرًا على أحد… بل هو قرار. قرار أن تحب حلمك، وتصدق أهلك، وتبذل روحك في سبيل النجاح.
“سانتي… بنت البطل، وقلب التفوق.”